كيف يمكن للإنسان ان يكون جزءا من الحل وليس جزءا من المشكل ؟

عمرو العرباوي – مدير النشر
ان يكون الانسان جزءا من الحل وليس جزءا من المشكلة فهذه المفارقة تعكس مبدأ جوهريًا في المسؤولية الفردية والاجتماعية، بمعنى ان يتبنى سلوكيات وأفعالا تساهم في حل المشكلات التي تواجهه هو أو مجتمعه ، بدلا من أن يكون سببا في استمرارها أو تفاقمها . يمكن للإنسان إما أن يساهم في حل المشكلات التي تواجهه مجتمعه أو أن يكون جزءًا من تفاقمها سواء عن قصد وعي. فتفسير هذه المفارقة يقتضي تقسيم الموضوع إلى عدة محاورينا يلي :
- أولا – فهم المشكلة:
لكي يكون الشخص جزءًا من الحل، عليه أولًا أن يفهم طبيعة المشكلة التي يواجهها، فالكثيرون يعتقدون أنهم يسهمون في الحل بينما هم في الواقع يزيدون المشكلة تعقيدًا بسبب عدم إدراكهم لجذورها الحقيقية.
مثال:
في ظاهرة التسول المتخفي في المغرب، يعتقد البعض أنهم يساعدون الفقراء عندما يعطون المال لكل من يدّعي الحاجة، لكنهم في الواقع يساهمون في تشجيع الاحتيال واستغلال العاطفة، مما يجعلهم جزءًا من المشكلة بدلاً من الحل.
- ثانيا – تبني السلوك الإيجابي بدل السلبي:
أن يكون الإنسان جزءًا من الحل يعني أن يغيّر سلوكه بحيث يقلل من المشكلة بدل أن يفاقمها، وهذا يتطلب نقدًا ذاتيًا وتصحيحًا مستمرًا للأخطاء.
مثال:
بدلًا من إعطاء المال مباشرة للمتسولين غير المحتاجين، يمكن دعم جمعيات موثوقة تعمل على مساعدة الفقراء الحقيقيين من خلال مشاريع مستدامة، مثل توفير فرص عمل أو دعم التعليم أو توفير الرعاية لمن يعانون الفقر المدقع أو دري الاحتياجات الخاصة أو توفير السكن الملائم وووووووو.
- ثالثا – تعزيز الوعي والتثقيف ونشر المعرفة:
الجهل هو أحد العوامل التي تجعل الناس جزءًا من المشكلة دون وعي، عندما يكون الفرد مطّلعًا مدركا ، فإنه يصبح قادرًا على تمييز الحلول الفعالة عن الحلول الزائفة.
مثال:
شخص يرى انتشار الأخبار الكاذبة في وسائل التواصل الاجتماعي، بدلاً من إعادة نشرها دون تحقق، يمكنه البحث عن مصادر موثوقة والتأكد من صحة المعلومات قبل مشاركتها، مما يجعله جزءًا من الحل في مكافحة التضليل الإعلامي.
- رابعا – المساهمة الفعلية في التغيير:
أن يكون الإنسان جزءًا من الحل يعني أن يبادر باتخاذ خطوات عملية نحو التغيير، سواء على مستوى شخصي أو مجتمعي.
مثال:
في مجال البيئة، شخص يرمي القمامة في الشارع هو جزء من المشكلة، بينما الشخص الذي يحرص على إعادة التدوير، وتنظيم حملات تنظيف الأحياء، والتوعية بأهمية حماية البيئة، يصبح جزءًا من الحل.
- خامسا – دعم القوانين والسياسات العادلة:
أحيانًا، تكون المشكلة مرتبطة بقوانين ضعيفة وغير صارمة أو غياب نفاذ القانون. فدعم الإصلاحات والتغييرات القانونية التي تعزز العدالة والمساواة يمكن أن يكون وسيلة للمساهمة في الحل.
مثال:
في قضية استغلال الأطفال في التسول، يمكن للمواطنين الضغط على الجهات المعنية لتفعيل قوانين تحمي الأطفال وتوفر لهم التعليم والرعاية بدل تركهم في الشارع عرضة للخطر والاستغلال .
مخرجات هذا المقال ، مفاد هذه المفارقة يكمن في أن الإنسان يمكنه، بوعيه أو بجهله، أن يكون إما جزءًا من المشكلة أو جزءًا من الحل، فالاختيار يعود إليه، ويتحدد بسلوكياته وقراراته اليومية، الإدراك، التغيير الذاتي، نشر الوعي، اتخاذ المبادرات، ودعم القوانين العادلة كلها عوامل تجعل الشخص عنصرًا إيجابيًا في المجتمع بدلاً من أن يكون سببًا في تفاقم الأزمات الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية والثقافية .