اخبار منوعة

الإفراط في المجاملة نفاق اجتماعي بامتياز

عمرو العرباوي : مدير النشر
كلما تعلق الأمر ببعض القيم الأخلاقية والاجتماعية التي تجعل من الإنسان يتبع طريق الحيطة و الحدر ، حتى لا يكون عرضة للإصابة بمرض اجتماعي فتاك اسمه الإفراط من المجاملة ، بحيث لاسبيل من العلاج والتعافي منه إلا بسلوك راق يضمن التوازن بين اللباقة والصدق .
فالمجاملة سلوك اجتماعي يعبر عن اللباقة والاحترام وحسن التعامل، لكنها تتحول إلى نفاق اجتماعي حين تخرج عن حدّها الطبيعي لتصبح وسيلة للتملق أو التزلف أو إخفاء النوايا الحقيقية، الإفراط في المجاملة هو المبالغة في مدح الآخرين أو إظهار الإعجاب بشكل غير صادق، وهو ما يجعل هذا السلوك في بعض السياقات أقرب إلى الكذب الاجتماعي منه إلى التواصل الإنساني الصحي.
ففي مجتمع تتشابك فيه العلاقات الاجتماعية وتُقدّر فيه المجاملة، تصبح الحدود بين الذوق والنفاق رفيعة للغاية، بين كلمات الثناء المتكررة والمبالغات المتواصلة في المديح، يطرح سؤال جوهري نفسه: هل ما نسمعه مجاملة بريئة أم نفاق مقنع؟
جوهر الظاهرة:
انتشرت ظاهرة الإفراط في المجاملة في مجتمعنا ، حتى غدت ثقافة سائدة في الحياة اليومية، سواء في العمل، أو في العلاقات الاجتماعية، أو حتى على منصات التواصل الاجتماعي، بحيث لا يخلو حديث من تعبيرات مبالغ فيها مثل: “أنت الأفضل على الإطلاق”، “لا أحد يضاهيك”، أو “كلامك عسل ”… كلمات قد تبدو في ظاهرها احترامًا، لكنها تُفقد قيمتها حين تفتقد الصدق.
يرى خبراء النفس والاجتماع أن هذه الظاهرة غالبًا ما تنبع من الخوف من المواجهة، أو الرغبة في كسب رضا الآخرين، أو الطمع في مصالح معينة، في بيئة يغيب فيها النقد البناء، يصبح الكذب المغلف بالمجاملات وسيلة للبقاء والتسلق.
الآثار الاجتماعية:
يتسبب الإفراط في المجاملة في عدة آثار سلبية، منها:
-تشويه العلاقات الإنسانية، إذ تصبح مبنية على المجاملات لا على الصراحة والثقة.
-تضليل الأفراد، خاصة إذا صدقوا المديح الزائف وظنوا أن لا عيوب لديهم.
-إشاعة ثقافة الكذب المقنع، مما يضعف مناعة المجتمع تجاه الحقيقة.
مخرجات هذا المقال ،إن المجاملة سلوك إنساني راقٍ حين تُستخدم باعتدال، وتتحول إلى نفاق اجتماعي خفي حين تُستخدم كقناع لإخفاء النوايا أو تزييف الواقع. والمطلوب اليوم، في ظل تسارع التفاعل الاجتماعي، هو إعادة التوازن بين اللباقة والصدق، وبين حسن التعامل والوضوح، حتى لا نقع في فخ النفاق باسم الأدب .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى