توظيف مفهوم معاداة السامية للإبادة شعب لا يستقيم
عمرو العرباوي – مدير النشر
التوظيف الصهيوني للمحرقة (الهولوكوست) لتبرير إقامة دولة إسرائيل على أرض فلسطين هو موضوع معقد وشائك يتضمن تداخلات تاريخية وسياسية ودينية وثقافية. سأحاول تقديم تفسير مفصل لهذا التناقض من عدة زوايا:
التاريخي :
الهولوكوست كانت واحدة من أسوأ الفظائع في التاريخ البشري، حيث قُتل حوالي ستة ملايين يهودي على يد النظام النازي خلال الحرب العالمية الثانية، بعد نهاية الحرب، كان هناك شعور قوي بالذنب والندم في أوروبا وأماكن أخرى على الفظائع التي ارتكبت بحق اليهود، هذا الشعور بالذنب ساهم بشكل كبير في دعم تأسيس دولة يهودية كنوع من التعويض عن المعاناة التي مروا بها.
السياسي :
الحركة الصهيونية، التي بدأت قبل الهولوكوست بفترة طويلة، كانت تسعى لإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، ولكن بعد الهولوكوست، ازدادت الضغوط الدولية لدعم هذا المشروع، قرار الأمم المتحدة عام 1947 بتقسيم فلسطين إلى دولتين، واحدة يهودية وأخرى عربية، كان مدفوعاً جزئياً بتلك الضغوط والتعاطف مع اليهود بعد الهولوكوست.
الديني والثقافي :
اليهود يعتبرون فلسطين “أرض الميعاد” بناءً على الروايات الدينية والتاريخية التوراتية، هذا البعد الديني أضفى مشروعية إضافية في نظر اليهود على إقامة دولتهم في فلسطين، رغم أن هذه الرؤية تتجاهل حقوق الفلسطينيين الذين كانوا يعيشون على هذه الأرض لقرون.
التناقضات والمشكلات الأخلاقية :
– حقوق الفلسطينيين: الفلسطينيون كانوا يشكلون الأغلبية في فلسطين التاريخية، وعاشوا على هذه الأرض لقرون، تأسيس دولة إسرائيل أدى إلى تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين وخلق مشكلة لاجئين مستمرة حتى اليوم.
– التوظيف السياسي للهولوكوست: هناك من يرى أن الحركة الصهيونية استغلت مأساة الهولوكوست لتعزيز مشروعها السياسي، مما يثير تساؤلات حول مدى أخلاقية استخدام مأساة إنسانية بهذا الشكل.
– الاحتلال والاستيطان: منذ تأسيس إسرائيل، استمرت الصراعات والنزاعات حول الأراضي، خاصة مع التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس الشرقية، مما يعقد إمكانية الوصول إلى حل عادل ودائم.
الدروس المستفادة :
من المهم التمييز بين معاناة اليهود في الهولوكوست وحقوق الفلسطينيين في أرضهم، كلتا القضيتين تستحقان تعاطفاً ، لكن ليس بالمستوى الذي تريده إسرائيل ، إن استخدام مآسي الماضي لتبرير ممارسات الحاضر يمكن أن يؤدي إلى مزيد من الظلم والمعاناة للشعب الفلسطيني.
مخرجات هذا المقال ، أن معالجة هذا التناقض تتطلب فهماً عميقاً للتاريخ، والاعتراف بالحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني ورفع المظلومية عنه ، والعمل نحو حل يحقق العدالة والسلام والاستقرار ، وإلا لن ينعم المحتل بالامن والامان .