اخبار منوعة

قرار ملكي يُثير الجدل: بين حماية القطيع و”كبش العيد”… من ينتصر؟

ذا عمرو العرباوي / مدير النشر

أثار القرار الملكي القاضي بعدم ذبح أضاحي عيد الأضحى هذا العام، تفاعلات واسعة ومتباينة في الأوساط المغربية، ففي الوقت الذي رحّبت فيه فئات واسعة من المواطنين والمهنيين بهذا القرار الذي يهدف إلى الحفاظ على الثروة الحيوانية المتضررة بسبب سنوات الجفاف المتتالية، برزت أصوات أخرى تدفع باتجاه شراء الأضاحي بأي ثمن، ضاربةً عرض الحائط التوجيهات الرسمية، في مشهد يعكس تناقضًا اجتماعيًا وثقافيًا عميقًا.

بين منطق الدولة ومنطق العادة

يستند القرار الملكي إلى معطيات ميدانية واضحة: نقص حاد في القطيع الوطني، وارتفاع تكلفة التربية والأعلاف، مما يُنذر بمخاطر مستقبلية تمس الأمن الغذائي الحيواني والقدرة الشرائية للمواطنين. كما يُفترض أن يُخفّف القرار من الضغط الاجتماعي والاقتصادي على الأسر الهشة، التي تجد نفسها سنويًا مضطرة إلى الإنفاق فوق طاقتها لتأمين “كبش العيد”.

لكن، ورغم هذا التوجه الرشيد، يلاحظ عودة السوق السوداء وارتفاع الطلب على الأضاحي، في تناقض صارخ مع روح القرار. بل وذهبت بعض الجهات، خاصة ممن يرتبطون تجاريًا بالموسم، إلى إثارة الهلع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، محذرين من “نفاد الأكباش” وداعين إلى اقتنائها “قبل فوات الأوان”.

أهو واجب ديني أم مظهر اجتماعي؟

يرى باحثون في علم الاجتماع والدين أن المسألة تتجاوز الجانب الديني، لتلامس رمزية الكبش في المخيال الشعبي المغربي. فالكثير من الأسر تعتبر ذبح الأضحية جزءًا من الهوية الاجتماعية، بل وسبيلاً للحفاظ على الكرامة في نظر الآخرين، وهو ما يخلق نوعًا من الضغط الجماعي الخفي، خاصة في الأحياء الفقيرة والمناطق الهامشية.

في هذا السياق، يقول الدكتور سعيد بنعجيبة، الباحث في الدراسات الاجتماعية:
“المشكل ليس في العبادة بحد ذاتها، بل في التمثلات الاجتماعية المرتبطة بها، فالفرد يخاف من نظرة المجتمع أكثر من خوفه من مخالفة التعاليم الدينية أو التوجيهات الرسمية.”

من يحرّك سوق الفتنة؟

من جهته، حذّر فاعلون مدنيون من تنامي دور سماسرة ومضاربين يستغلون ضعف الوعي لدى بعض الفئات لتسويق الأكباش بأسعار مضاعفة، في استغلال مفضوح للوضع. وطالبوا السلطات بتشديد المراقبة على الأسواق، وتكثيف الحملات التحسيسية لتوضيح خلفيات القرار الملكي الذي يراعي الظرفية الاستثنائية ولا يتعارض مع روح الشريعة، التي تُجيز ترك الأضحية في حال وجود مصلحة معتبرة.

نحو وعي جديد

يبقى السؤال: هل نحن أمام فرصة لإعادة النظر في علاقتنا بالطقوس الدينية والاجتماعية؟
إن عيد الأضحى، كما هو في جوهره، مناسبة للرحمة والتكافل، لا للتفاخر أو الاستدانة أو الضغط المعيشي، وقد يكون هذا القرار مناسبة لإعادة توجيه البوصلة نحو المعنى الأعمق للعيد، بعيدًا عن منطق السوق والمظاهر.

مخرحات هذا المقال ، إن القرار الملكي ليس فقط خطوة اقتصادية أو تقنية، بل هو نداء لوعي جماعي جديد، يقوم على المصلحة العامة والرحمة والتوازن بين العقيدة والواقع، فهل يستجيب المجتمع لهذا النداء، أم تبقى “الأضحية” أسيرة العادة والمظاهر؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى