اخبار منوعة

كل نضال يجب ان يكون مبني على الحكمة والاستراتيجية:

عمرو العرباوي / مدير النشر
فعبارة  “كل نضال يجب أن يكون مبنيًا على الحكمة والاستراتيجية” يعكس فهماً عميقًا لطبيعة التغيير الاجتماعي والسياسي. فالنضال، سواء كان من أجل الدفاع عن الحقوق، أو تحقيق العدالة، أو المطالبة بالإصلاح او التغيير ، لا يمكن أن يحقق أهدافه بمجرد العاطفة أو الحماس، بل يحتاج إلى تخطيط دقيق، وتقدير للمخاطر، واختيار الأساليب الأكثر فاعلية.
فتفسير هذه العبارة يقتضي تناولها من عدة زوايا :
أولا : الحكمة في النضال، الحكمة تعني القدرة على تقييم الواقع بوعي، واتخاذ قرارات مستنيرة بناءً على تحليل عميق للظروف، وتتجلى الحكمة في النضال من خلال:
-القدرة على التمييز بين العدو والصديق: هناك فرق بين مواجهة أنظمة دكتاتورية متسلطة ومواجهة المجتمع بأكمله، فالحكمة تقتضي عدم خلق أعداء أكثر من اللازم.
-عدم الانجرار إلى الاستفزازات: الحكيم في نضاله لا ينجرف وراء الاستفزازات، بل يختار ردود الأفعال التي تخدم قضيته على المدى الطويل.
-فهم التوقيت المناسب: أحيانًا يكون الانتظار والبناء التدريجي أكثر فاعلية من المواجهة المباشرة غير المدروسة.
مثال تطبيقي:
في حركة الحقوق المدنية في أمريكا، اختار مارتن لوثر كينغ أسلوب المقاومة السلمية، رغم العنف الذي واجهه، لأن الحكمة كانت تقتضي عدم إعطاء مبررات للقمع الحكومي، مما جعل قضيته أخلاقية في نظر المجتمع الدولي.
ثانيا : الاستراتيجية: التخطيط لتحقيق الهدف بأقل تكلفة وأكثر فاعلية، الاستراتيجية تعني وضع خطة مدروسة تستند إلى تحليل دقيق للموارد المتاحة، والعوائق المحتملة، والخطوات العملية التي تحقق الهدف بأكبر قدر من الفاعلية ، تتضمن الاستراتيجية التالية :
-تحديد الأولويات: ليس كل القضايا يجب خوضها دفعة واحدة، بل يجب تحديد معارك صغيرة يمكن كسبها أولًا.
-تنويع أساليب الضغط: يمكن أن يكون النضال عبر القانون، الإعلام، الحشد الجماهيري، أو حتى التأثير الاقتصادي (مثل المقاطعات).
– بناء التحالفات: لا يمكن لأي حركة نضالية أو استرجاع حقوق النجاح بدون دعم شبكات واسعة من المؤيدين، سواء من داخل المجتمع أو خارجه.
مثال تطبيقي:
حركة “المسيرة الخضراء 1975” في المغرب اعتمدت على استراتيجية المسيرة التحررية السلمية قوامها تحقيق استرجاع الأقاليم الصحراوية من يد الاستعمار الإسباني دون استعمال القوة العسكرية ، مما أضعف الاستعمار وأجبره على المغادرة .
ثالثا : الحكمة والاستراتيجية معًا: مفتاح النجاح، الحكمة بدون استراتيجية تجعل النضال عاطفيًا وغير منتج، بينما الاستراتيجية بدون حكمة قد تؤدي إلى استخدام أساليب غير أخلاقية تُضعف القضية على المدى الطويل، فالنجاح الحقيقي يكمن في المزج بين الاثنين لتحقيق التأثير المطلوب دون إلحاق ضرر بالقيم التي يقوم عليها النضال.
مخرجات هذا المقال، ما ينبغي التأكيد عليه وهو أن النضال المبني على الحكمة والاستراتيجية هو الذي يستطيع تحقيق التغيير دون أن يتحول إلى فوضى أو يُستخدم كذريعة للقمع، إنه نضال يفكر بعقلانية، يختار معاركه بذكاء، ويتحرك في الاتجاه الصحيح بخطوات مدروسة وثابتة لتحقيق الأهداف المرجوة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى