اخبار وطنية

البروفيسور إبراهيمي: الحالات الحرجة تنعدم تماماً في صفوف الملقحين

برشيد: م.ع

ارتفع عدد الإصابات بفيروس كورونا في المغرب خلال الأيام الأخيرة بشكل كبير، ما حذا بالسلطات الصحية إلى دق ناقوس الخطر والتحذير من احتمال حدوث انتكاسة وبائية جديدة.

ومقابل ذلك، يسود غموض لدى المواطنين حول مجموعة من الأمور، مثل إصابة أشخاص بالفيروس رغم تلقيحهم ضدّه، ما حذا بالبعض إلى التشكيك في فعالية اللقاح المضاد لكورونا.

في هذا الحوار مع نبأ تيڤي، يسلط الدكتور عز الدين إبراهيمي، عضو اللجنة العلمية للتلقيح، الضوء على أماكن العتمة في الوضعية الراهنة لجائحة فيروس كورونا بالمغرب.

سُجّل ارتفاع مضطرد لعدد الإصابات المؤكدة بفيروس كورونا خلال الأسبوعين الأخيرين.. هل يعني هذا الارتفاع أن المغرب مهدد بنكسة وبائية، أم إن الوضع مازال متحكَّما فيه؟.

المغرب يواجه الموجة الثالثة التي تتميز بتفشي السلالة “دلتا”، التي تنتشر بسرعة كبيرة، وهو السبب الذي أدى إلى ارتفاع مهول في الإصابات.

لا يمكن الحديث الآن عن احتمال حدوث انتكاسة وبائية لأن الأمر يستلزم أن تتوفر لدينا قراءة شمولية للأرقام لمدة أربعة أسابيع تقريبا، ونتمنى أن يكون الأسبوعان المقبلان مستقرين نوعا ما، وأن يبقى عدد الوفيات والأشخاص الذين يمرون بالإنعاش قليلا، رغم ارتفاع الإصابات، لأن المنظومة الصحية لا يمكن أن تتحمل ارتفاعا مهولا في أعداد المصابين إصابات حرجة، لأننا في هذه الحالة يمكن أن نتحدث عن حدوث انتكاسة وبائية.

عموما، نحتاج إلى ثلاثة أسابيع لقراءة الأرقام بشكل واضح، ونتحدث، حينها، بصراحة ونبلور رؤيتنا للوضعية المستقبلية، وإذا كانت هناك إجراءات جديدة أو انتكاسة سنقولها بكل صراحة.

نجَم ارتفاع عدد الإصابات عن تخفيف قيود التنقل والتجمعات، فهل أخطأت السلطات الحكومية التقدير برفع القيود قبل تحقيق المناعة الجماعية؟ أم إن المسؤولية يتحملها المواطنون لعدم التزامهم بالإجراءات الوقائية؟.

حين نتحدث عن المسؤولية في إطار المقاربة التشاركية لا يمكن تحميل المسؤولية لطرف على حساب آخر. أظن أن هناك اتفاقا بين الجميع، أي الدولة والمواطنين، على أن مناسبة العيد مهمة جدا، وأنه لا بد من الاحتفال بهذه المناسبة، لكن فئة كبيرة من المواطنين لم يلتزموا بما طُلب منهم من احترام الإجراءات الوقائية.

أظن أن الأهمَّ في الظرفية الراهنة هو تكثيف الجهود من أجل مواجهة الوضعية التي نعيشها اليوم، عبر مقاربة تشاركية يتحمل فيها الجميع المسؤولية، وذلك بأن توفر الدولة أكبر عدد من اللقاحات، مع توفير أكبر عدد من الأسرَّة، وقد قامت بهذه المهمة؛ وفي الجانب الآخر على المواطن أيضا، في إطار التعاقد المواطناتي، أن يستشعر المسؤولية، عبر احترام إجراءات الوقاية والمبادرة إلى التلقيح ضد الفيروس، من أجل الخروج من هذه الأزمة الصحية في أقرب وقت وبأقل الخسائر الممكنة.

يسود في أوساط فئات من المواطنين انطباع بعدم جدوى اللقاح ضد فيروس كورونا طالما أن أشخاصا ملقحين أصيبوا من جديد. لماذا لا يتم تقديم أرقام وإحصاءات رسمية حول نسبة الملقحين الذين أصيبوا ونسبة الحالات الحرجة في صفوفهم حتى يتم إقناع المواطنين بجدوى التلقيح؟.

دعْني أذكّر بأن الهدف الأساسي من التلقيح هو تفادي تطوير الشخص الملقَّح للحالات الحرجة، وتفادي نقل العدوى إلى الآخرين، ذلك أن احتمال نقل الشخص الملقح للعدوى تقلّ بعشر مرات مقارنة بالشخص غير الملقح.

وبالأرقام، فإن شخصا واحدا فقط من عشرة أشخاص ملقحين يمكن أن يطور، بنسبة قليلة جدا، أعراضا خفيفة، بينما الحالات الحرجة في صفوف الملقحين منعدمة تماما.

بخلاف ذلك، أقول بكل صراحة إن كل شخص يبلغ من العمر سبعين عاما وهو غير ملقح، وأصيب بالفيروس، فإنه غالبا سينتقل إلى الحالات الحرجة، وغالبا سيتوفى، لا قدر الله.

لا يمكن أبدا المقارنة بين الشخص المصاب بالكوفيد وهو ملقح والشخص المصاب غير الملقح، حتى إن الناس الملقحين يتحدثون عن نزلة برد فقط بعد إصابتهم بالفيروس، لأنهم عندما يصابون تكون أعراض الإصابة لديهم خفيفة جدا، وكذلك الحالات الحرجة والوفيات تكون قليلة جدا أو منعدمة.

وعطفا على ما ذكرت، أهيب بالمغاربة أن يبادروا إلى تلقيح أنفسهم، فرغم ما لدينا من إصابات فإن الإجراءات الاحترازية ظلت مخففة مقارنة مع دول أخرى، في حين أن التلقيح هو ضمانة كبيرة بالنسبة إلينا لكي نتجاوز هذه الأزمة.

بناء على المؤشرات المتعلقة بتلقيح المواطنين، هل يمكن توقع أُفُق معين للقضاء على فيروس كورونا في المغرب؟.

هذا رهين بأرقام الإصابات التي ستظهر خلال الأسبوعين القادمين. وعموما أقول، بتفاؤل حذر، إذا تمكَّنا في إطار مقاربة تشاركية من أن يلتزم كل واحد منا من جهته، أي الدولة والمواطنون، بالتزاماته التي ذكرتها سلفا، فسوف سنكون على مرمى حجر من الخروج من هذه الأزمة.

ثانيا، الخروج من الأزمة لن يتم الإعلان عنه في يوم معين، بل سيكون تدريجيا، فكما دخلنا الأزمة تدريجيا سنخرج منها تدريجيا. ونتمنى أن يمكّننا التعاقد المواطناتي الذي نناضل من أجله، والذي لا يمكن بدونه السيطرة على الوباء، من رؤية الضوء في آخر النفق إن شاء الله.

بعد إعلان المغرب تصنيع اللقاح المضاد لفيروس كورونا رأى البعض في هذه الخطوة مؤشرا على التحضير للتعايش مع الفيروس، وفرض التلقيح ضده سنويا.. ما مدى صحة هذه المخاوف؟.

الإستراتيجية المغربية للقاح هي إستراتيجية ملكية واضحة، وأكثر من ذلك فهي رؤية بخطط تنفيذية ذات أبعاد كبرى لا يجب تحجيمها في كونها وُضعت من أجل تصنيع اللقاح المضاد لكوفيد-19 فقط.

هذه الإستراتيجية فيها مستوى آني، يتعلق برهان تصنيع اللقاح المضاد لفيروس كورونا، ثم مستوى آخر يتعلق برؤية على المدى المتوسط والبعيد، حيث سيتم خلق منصات متعددة من أجل تصنيع لقاحات أخرى ستمكّن بلدنا من تصنيع البدائل الحيوية غالية الثمن، والتي تكلف المواطن وخزينة الدولة أموالا طائلة..وإذا تمكنّا من تصنيعها فسوف نحلُّ مشكلا كبيرا، ليس على المستوى المحلي فحسب، ولكن على مستوى تموقع المغرب على الصعيد الإفريقي، لاسيما أن بلدنا يطمح إلى أن يكون رائدا في ميدان البيوتكنولوجيا؛ لذلك فإن ورش تصنيع اللقاحات لا يقتصر فقط على مواجهة الكوفيد، بل هو أكبر من ذلك.

وفي ما يتعلق بالتعايش مع الفيروس، أقول إن العالم كله سيجد نفسه مرغما على التعايش مع الفيروسات، ولكن لا يجب التطبيع مع الوفيات التي يمكن أن تنتج عن الأمراض الناجمة عن هذه الفيروسات.

يمكن التعايش مع “السارس كوف- 2” إذا كان سيؤدي فقط إلى أعراض خفيفة، ولكن لا يمكن أن نطبع مع أن يؤدي إلى وفاة المغاربة، لأن الأولوية المطلقة في مواجهة جميع الأزمات الصحية هي الحفاظ على أرواح المواطنين مهما كانت الكلفة، والمغرب سيظل وفيا لهذه الإرادة الملكية في هذا المجال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى