اخبار وطنية

مشروع حزام أخضر بـ120 ألف شجرة يتوج زاكورة بجائزة وطنية للبيئة

برشيد.ر.ع

توجت مدينة زاكورة بجائزة الحسن الثاني للبيئة -صنف مبادرات الجماعات الترابية- التي تنظمها كتابة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة كل سنة، وذلك بفضل مشروع الحزام الأخضر لغرس آلاف الأشجار.

وجرى أمس الإثنين في الرباط منح الجوائز للفائزين خلال حفل رسمي حضره عدد من المسؤولين الحكوميين، حيث تسلم الجائزة الممنوحة لمشروع الحزام الأخضر عبد الرحيم شهيد، رئيس المجلس الإقليمي لزاكورة.

ويتضمن هذا المشروع الطموح غرس 120 ألف شجرة على مساحة 300 هكتار بهدف إقامة غطاء نباتي بديل، وإعادة استعمال المياه العادمة والطاقة الشمسية في سقي الأشجار، وإحداث منبت لتوفير الشتائل، وهو مشروع كلف ما يناهز 46.8 ملايين درهم.

وجرى إطلاق هذا المشروع من طرف المجلس الإقليمي لزاكورة مع عدد من الشركاء سنة 2019، بعد تزايد العوامل المساهمة في تدهور البيئة في الإقليم، وتقلص الغطاء الأخضر نتيجة انخفاض منسوب المياه وندرة الأمطار وزحف الرمال.

وقال عبد الرحيم شهيد، رئيس المجلس الإقليمي، إن مشروع “الحزام الأخضر” لزاكورة يعكس العمل الجماعي وروح الشراكة التي جمعت كلاً من المجلس الإقليمي، كحامل للمشروع، والمديرية العامة للجماعات المحلية، ووزارة الطاقة والمعادن والماء والبيئة، والمندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، ومجلس جهة درعة تافيلالت، والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب.

واعتبر شهيد،أن “تتويج مشروع الحزام الأخضر لزاكورة تكليف أكثر مما هو تشريف”، مشيراً إلى أن “المناطق الواحية في المغرب والعالم تعرف ضغطا كبيرا، ما يتسبب في تناقص أشجار النخيل بسبب التغيرات المناخية والعوامل البشرية، وهو ما يهدد هذا النظام الإيكولوجي الفريد”.

ويرى شهيد، وهو فاعل جمعوي دخل غمار السياسة باسم “حزب الوردة”، أن “الجواب عن التغيرات المناخية هو غرس مزيد من الأشجار ووضع غطاء نباتي أكبر”، وزاد: “الرسالة الرمزية لهذا التتويج أن المغرب في حاجة ماسة إلى هذا النوع من المشاريع المهيكلة التي تلتقي فيها جميع الإرادات، فسؤال البيئة لا يهم جهة واحدة فقط، بل هو سؤال جماعي”.

وحسب المعطيات التي حصلت عليها نبأ تيڤي فإن هذا المشروع البيئي يهدف إلى تعزيز رصيد الإقليم من القطاع الغابوي بخلق فضاء يوفر الحماية للتنوع الإحيائي، والحد من زحف الرمال، بالإضافة إلى حماية المدينة من تأثيرات الرياح القوية المحملة بالغبار.

ولتتبع ومواكبة المشروع أحدثت ثلاث لجان تعمل جنبا إلى جنب، أهمها لجنة الإشراف التي يترأسها عامل الإقليم؛ وذلك بهدف تحديد الأهداف والأنشطة الرئيسية للمشروع، وتحقيق الالتقائية والتكامل بين الشركاء وباقي المتدخلين، بالإضافة إلى تعبئة الشركاء والموارد المالية والتقنية لتنفيذ المشروع.

ويقع الحزام الأخضر لزاكورة على بعد سبعة كيلومترات من مركز المدينة في منطقة تعتبر قطبا بيئيا، حيث تتواجد عدة مشاريع بيئية، وهي محطة نور تافيلالت لإنتاج الطاقة الشمسية، ومحطة تصفية المياه العادمة، ومحطة أحواض التجفيف لمحطة تحلية المياه الصالحة للشرب لمدينة زاكورة.

أبعاد بيئية واقتصادية للمشروع

يتميز المناخ بإقليم زاكورة بضعف التساقطات المطرية وعدم انتظامها الزمني والمكاني؛ كما شهدت في السنوات الأخيرة تسجيل نقص كبير تزايد معه الضغط على الموارد المائية الباطنية.

ووعيا بهذا الإكراه الطبيعي، اعتمد المجلس الإقليمي لزاكورة على التقنيات الجديدة المستخدمة في المجال الفلاحي لضمان نجاح مشروع الحزام الأخضر، خاصة ما يتعلق بزراعة الأشجار وسقيها والحفاظ عليها.

ومن أهم هذه التقنيات أخذ المياه المعالجة (معالجة ثلاثية) من محطة تصفية المياه العادمة التابعة للمكتب الوطني للماء والكهرباء – قطاع الماء، وضخها بواسطة مضخات ملائمة إلى حوض من سعة 1000 متر مكعب باستعمال الطاقة الشمسية.

كما تضم التقنيات أيضاً ضخ المياه من الخزان إلى شبكة السقي بالتنقيط، ووضع صمامات (vannes) لسقي هذه المساحة وفق برنامج دقيق، وزراعة نوع من الأشجار يلائم نوع التربة والمناخ بالمنطقة. ويتعلق الأمر بشجر الفلفل الوردي(Schinus molle) ، وهو نبات دائم الخضرة تنمو شجرته إلى طول 13 مترا، وزهورها المذكرة والمؤنثة تنمو في أشجار منفصلة.

أما على مستوى البعد البيئي فيتميز إقليم زاكورة بتضاريس متنوعة تتشكل أساسا من الجبال والمنبسطات الصحراوية والتلال الرملية، التي يزيد امتدادها من تضييق المساحات الخضراء وضعف حـماية التنوع الإحيائي بالإقليم، وهما عاملان إلى جانب عوامل أخرى يساهمان بشكل كبير في تدهور البيئية.

ولأجل موازنة هذه المعادلة، اعتمد المجلس الإقليمي مقاربة بيئية في مرحلتي التخطيط والتنفيذ لمشروع الحزام الأخضر، توازي في مختلف مراحل المشروع بين خلق وسط بيئي جالب للرطوبة، يوفر حماية للتنوع الإحيائي ويحد من زحف الرمال، وبين ترشيد استخدام الموارد المائية منها والطاقية، إذ اعتمد تقنية السقي بالتنقيط لسقي الأشجار بالمياه المستعملة، وكذا استعمال الطاقة الشمسية في عمليتي التوزيع والضخ.

آثار إيجابية

بعد إنجاز مختلف مكونات مشروع الحزام الأخضر لمدينة زاكورة، بدأ الأثر الإيجابي يتحقق من خلال المحافظة على البيئة والتنمية المستدامة؛ وتجلى ذلك أساساً في تخفيف الضغط على الموارد المائية، خصوصا الجوفية، باستعمال المياه المعالجة، الصادرة من محطة تصفية المياه العادمة، في عملية سقي الأشجار.

كما ساهم المشروع في ترشيد استخدام الموارد المائية منها والطاقية، وذلك باعتماد تقنية السقي بالتنقيط، واستغلال الطاقة الشمسية، وزيادة المساحات الخضراء بالإقليم، من خلال توفير مجال طبيعي على شكل منتزه ترفيهي ورياضي ومتنفس أساسي للساكنة.

وكان لهذا المشروع البيئي الكبير أثر مهم تمثل في تنقية وادي درعة وعدم سكب المياه العادمة فيه؛ ففي السابق كانت هذه المياه تفرغ في الوادي، ما يزيد من تلوثه، وبالتالي تلوث الحقول المتواجدة بسافلته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى