اخبار منوعة
ممارسة حق الاضراب احترام حرية العمل كيف يمكن التوازن بين الحقين للحفاظ على السلم الاجتماعي بالمغرب ؟
عمرو العرباوي – مدير النشر
جرت العادة أنه كلما تناولنا موضوع ذو أهمية كبيرة ومثير للجدل كحق ممارسة الاضراب واحترام حرية العمل الذي طال امد الجدال بشأنهما ببلادنا ، وحتى يكون القارئ على معرفة تامة بما يحدث، فإنه ينبغي تحديد مفهومهما وإطارها القانوني وأهميتهم وحدودها :
- أولا : حق الإضراب هو وسيلة قانونية وسلمية تُمارَس من قِبل العمال للتعبير عن مطالبهم المهنية والاجتماعية أو للضغط على أرباب العمل أو الجهات الحكومية لتحقيق تحسينات في ظروف العمل أو الأجور أو غيرها من الحقوق.
الإطار القانوني:
في المغرب، حق الإضراب مكفول دستوريًا بموجب الفصل 29 من دستور 2011، الذي ينص على أن “حق الإضراب مضمون، ويُحدد قانون تنظيمي شروط وكيفيات ممارسته”، رغم ذلك، ما زال القانون التنظيمي لتنظيم هذا الحق لم يُعتمد بشكل كامل، مما يترك المجال لاجتهادات مختلفة .
أهمية الإضراب:
فهو أداة لتحقيق التوازن بين العمال وأرباب العمل في العلاقات المهنية،وسيلة للتعبير عن الاستياء أو المطالبة بحقوق مشروعة.
حدود الإضراب:
التأثير على القطاعات الحيوية (الصحة، الأمن، التعليم، النقل) ، فالاستخدام غير المنظم لحق الاضراب الذي قد يؤدي إلى الإضرار بالسلم الاجتماعي والاقتصادي.
- ثانيا : مفهوم حرية العمل
حرية العمل تعني حق كل فرد في اختيار العمل الذي يناسبه وممارسته دون إكراه أو تضييق.
الإطار القانوني:
كفل الفصل 23 من دستور المغرب حق المواطنين في ممارسة نشاطهم المهني بحرية، ويُعتبر أي اعتداء على حرية العمل مخالفة قانونية ، ويشمل حماية الأفراد الراغبين في العمل أثناء الإضراب من التعرض للضغط أو الإكراه.
أهمية حرية العمل:
فحماية المقاولة او الاقتصاد بصفة عامة من الشلل الذي قد يحدث جراء الإضرابات ، ضمان استمرار تقديم الخدمات الأساسية خاصة في القطاعات الحيوية، كما يقتضي الحفاظ على حق الفرد في الكسب والمعيشة دون عوائق.
حدود حرية العمل:
التداخل مع حق الإضراب عند محاولات كسر الإضراب أو عرقلة ممارسته، اظافة إلى المخاطر الناتجة عن استغلال بعض الجهات لحرية العمل لتقويض مطالب العمال.
- تحليل العلاقة بين الحقين:
أولاً: الطبيعة التداخلية
حق الإضراب وحرية العمل ليسا متناقضين، ولكنهما قد يبدوان متعارضين عند الممارسة العملية، فالإضراب يمكن أن يؤثر على حرية الأفراد الذين يفضلون مواصلة العمل، بينما ممارسة حرية العمل خلال الإضراب قد تُضعف تأثيره وتعتبر من قبل البعض “كسرًا للإضراب”.
ثانيًا: التحديات العملية
غياب قانون تنظيمي للإضراب يؤدي إلى فراغ قانوني يجعل التوازن بين الحقين تحديًا، في بعض الحالات، قد يُساء استخدام الإضراب أو حرية العمل لخدمة مصالح شخصية أو سياسية على حساب السلم الاجتماعي.
ثالثًا: الآثار على السلم الاجتماعي
فأي تعارض بين الحقين دون تنظيم يمكن أن يؤدي إلى صراعات بين العمال وأرباب العمل أو بين العمال أنفسهم، فالإضراب غير المنظم قد يؤدي إلى تعطل المرافق الحيوية، بينما التضييق على الإضراب يمكن أن يزيد من التوترات الاجتماعية.
كيف يمكن تحقيق التوازن؟
- الإطار القانوني
إصدار قانون تنظيمي يحدد شروط ممارسة حق الإضراب، بما يضمن حماية حقوق العمال دون المساس بحرية العمل، مع التنصيص على توفير عقوبات قانونية على أي جهة تعرقل ممارسة أحد الحقين.
- الحوار والتشاور
إنشاء لجان مختصة تجمع بين النقابات، أرباب العمل، وممثلي الحكومة للتفاوض بشأن النزاعات العمالية قبل اللجوء للإضراب ، مع ضمان الشفافية والتوازن في معالجة القضايا المتعلقة بالإضراب أو حرية العمل.
- دعم القطاعات الحيوية
وضع قيود على الإضراب في القطاعات الحيوية مثل الصحة، التعليم، ، مع توفير بدائل للعمال للتعبير عن مطالبهم (مثل الإضراب الجزئي أو المفاوضات الجماعية).
- التوعية المجتمعية
نشر ثقافة تهديب الحوار والتفاهم بين الأطراف المختلفة، وتوعية العمال وأرباب العمل حول أهمية احترام الحقين كوسيلة لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
مخرحات هذا المقال ، ما يمكن التركيز عليه هو أن حق الإضراب وحرية العمل هما ركيزتان أساسيتان لضمان العدالة الاجتماعية والاقتصادية في المغرب، فتحقيق التوازن بينهما يتطلب إطارًا قانونيًا صارمًا، آليات حوار فعالة، والتزامًا مشتركًا من جميع الأطراف بحماية السلم الاجتماعي، للتذكير فالتوافق الذي حصل بين الحكومة والمعارضة والأغلبية والغير المنتسبين مؤخرا يثني على دور الحكومة ومؤسسة التشريع بكافة أطيافها السياسية في اخراج قانون ممارسة الاضراب بشكل يراعي حقوق الطبقة العاملة وكذلك في حماية حرية العمل وفق مبدأ المساواة وسمو القانون .