ثقافة و فنون

الثقافة الالكترونية بالمغرب في تزايد ملحوظ لكن الإقبال على المحتوى الرديء

عمرو العرباوي – مدير النشر
شهد المغرب في الاونة الأخيرة تزايدًا ملحوظًا في استخدام التكنولوجيا الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي، مما أسهم في نشوء ما يُعرف بـ”الثقافة الإلكترونية”، ومع ذلك، يظهر أن هناك إقبالًا واسعًا على المحتوى الرديء أو السطحي، وهو واقع يعكس مجموعة من العوامل الثقافية، الاجتماعية، والاقتصادية والسياسية المتشابكة فينا بينها ، وتفسير هذه المعضلة يقتضي منا معالجتها من عدة عوامل:
أولا :التحول الرقمي السريع وعدم مواكبة الوعي الثقافي:
-شهد المغرب قفزة نوعية في استخدام الإنترنت بفضل انتشار الهواتف الذكية وتحسن خدمات الاتصال. ومع ذلك، لم يواكب هذا التحول السريع تعزيز للوعي الثقافي والمعرفي اللازم لفرز المحتوى.
-كثير من المستخدمين يستهلكون ما يُقدم لهم بسهولة، دون التدقيق في جودة أو مصداقية المحتوى، مما يتيح انتشار المحتوى الرديء.
ثانيا : طبيعة الخوارزميات في منصات التواصل الاجتماعي:
-تعمل خوارزميات المنصات الرقمية على تعزيز المحتوى الذي يحقق نسب مشاهدة وتفاعل عالية، بغض النظر عن جودته.
-المحتوى الرديء غالبًا ما يكون عاطفيًا، صادمًا، أو مليئًا بالإثارة، مما يجذب الانتباه أكثر من المحتوى العميق أو الأكاديمي.
ثالثا : تراجع القراءة وضعف الثقافة العامة
-الإقبال على المحتوى الرديء يعكس أزمة في القراءة والثقافة العامة.
-قلة الاعتياد على التفكير النقدي جعلت الجمهور يتجه نحو الاستهلاك السريع للمحتويات الترفيهية أو المثيرة بدلًا من البحث عن محتوى هادف.
رابعا : الجانب الاقتصادي والاجتماعي
-يعاني المجتمع المغربي من تفاوت اجتماعي كبير، وهو ما يُنتج جمهورًا واسعًا يبحث عن الترفيه البسيط هروبًا من واقع صعب.
-صانعو المحتوى الرديء يجدون في ذلك فرصة لاستغلال رغبات الجمهور لتحقيق أرباح مادية سهلة.
خامسا :ضعف الرقابة والتأطير الثقافي،
-غياب آليات واضحة لتوجيه المحتوى الرقمي نحو تعزيز القيم الثقافية والتعليمية جعل الساحة مفتوحة للمحتويات الرديئة التي تستغل الفجوات في التنظيم والوعي.
– المؤسسات التعليمية والثقافية لم تلعب دورًا كافيًا في تعزيز استخدام إيجابي للتكنولوجيا.
سادسا : تأثير الإعلام التقليدي،
– الإعلام التقليدي بدوره لم يكن نموذجًا إيجابيًا في تقديم محتوى هادف، مما ساهم في نقل نفس الممارسات إلى العالم الرقمي.
سابعا : رغبة الجمهور في التفاعل والانتماء، 
– كثير من الأشخاص يتفاعلون مع المحتوى الرديء بدافع التسلية أو رغبة في الانتماء لمجتمعات إلكترونية، حيث يجدون قبولًا سريعًا دون حكم على مستوى الثقافة أو المعرفة.
كيف يمكن معالجة الظاهرة؟
  • أولا : تعزيز الوعي الرقمي: إطلاق حملات توعية لتعليم الأفراد كيفية التمييز بين المحتوى الجيد والرديء.
  • ثانيا : دعم المحتوى الهادف: تشجيع ودعم صانعي المحتوى التعليمي والثقافي من خلال توفير موارد وتحفيزات.
  • ثالثا : إصلاح التعليم: إدخال برامج تعليمية لتعزيز التفكير النقدي والاستخدام الإيجابي للتكنولوجيا.
  • رابعا: تشديد الرقابة: فرض قوانين تحد من انتشار المحتوى الذي يضر بالقيم الثقافية أو يروج للسطحية والتفاهة ،
  • خامسا : التعاون بين المؤسسات: الشراكة بين المؤسسات الثقافية، الإعلامية، والتقنية لتطوير بيئة رقمية صحية وجادة .
  • سادسا : تفعيل النصوص القانونية وتعزيز دور القضاء في التصدي لمن يهدد قيم المجتمع ومقدساته .
مخرحات هذا المقال ، أن الإقبال على المحتوى الرديء بالمغرب يعكس أزمة ثقافية عميقة تتطلب جهدًا مشتركًا لتجاوزها من قبل الدولة والمجتمع المدني كل حسب موقعه ، لجعل الثقافة الإلكترونية وسيلة لتعزيز الوعي والتطور بدلًا من أن تكون مجرد أداة للترفيه السطحي .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى