موقع مفهوم السلفية في المجتمع المغربي بين القبول والرفض
عمرو العرباوي : مدير الجريدة
قبل الشروع في تناول موضوع السلفية ، لا بد من التعريف بمفهوم السلفية لغة واصطلاحا ، ثم التعريف بها حركة اسلامية ، واخيرا تحديد موقعها داخل المجتمع المغربي .
فالسلفية تعني لغة : من تقدم من أبائك وذوي قرابتك ، الذين هم فوقك في السن والفضل.
ومنه قول الرسول صلى الله عليه وسلم لابنته فاطمة الزهراء رضي الله عنها : فإنه نعم السلف أنت لك رواه مسلم.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله “لابنته زينب رضي الله عنها عندما توفيت : ألحقي بسلفنا الصالح عثمان بن مظعون “أخرجه الامام احمد ، وابن سعد في الطبقات ، وصححه الشيخ أبو الاشبال احمد شاكر رحمه الله في شرح المسند.
والسلفية اصطلاحا تعني : الوصف اللزم الذي يختص به على الاطلاق صحابة رسول الله رضي الله عنهم ، ويشاركهم فيه غيرهم ممن تبعهم وجرى على نهجهم .
والسلف الصالح هو الصدر الاول الراسخون في العلم ، والمهتدون بهدي النبي صلى الله عليه وسلم ، الحافظون لسنته ، اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه وانتخبهم لاقامة دينه ، ورضيهم أئمة الامة،وجاهدوا في سبيل الله حق جهاده ، وأفرغوا في نصح الأمة ونفعها ،وبذلوا في مرضاة الله انفسهم.
فالسلفية هي اسم لمنهج يدعو الى فهم الكتاب والسنة بفهم سلف الامة ،والاخذ بنهج ، وعمل النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، وصحابته ، والتابعين ، وتابع التابعين بإعتباره يمثل نهج الاسلام ، والتمسك بأخذ الأحكام من كتاب الله ، ومما صح من حديث النبي محمد ، ويبتعد عن كل المدخلات الغريبة عن روح الاسلام وتعاليمه السمحة ، والتمسك بما نقل عن السلف الصالح .
وهؤلاء السلف الصالح هم من الذين حذرنا ربنا عز وجل في القرآن الكريم من مخالفتهم ومن سلوك سبيل غير سبيلهم في قوله عز وجل (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا ).
فالسلفية في شموليتها تعني الانتساب الى العصمة ، من اين اخدنا هذه العصمة ؟نحن نأخذها من حديث الرسول عليه السلام ” لا تجتمع أمتي على ضلالة “، فهذا الحديث لا يصح تطبيقه على الخلف اليوم ، نظرا لما يحوم بينهم من خلافات جذرية ساءت الى الاسلام والمسلمين ، كل جعل من فهمه الخاص للدين مطية وعالم عصره ومفتيه وحسب هواه ، مما مهد طريق سلوك التطرف الديني والفكري ، ورفض كل خارج عن سبيله ،بل مواجهته بالقوة والنار .
فالمجتمع المغربي بطبيعته ، مجتمع مسالم ، متدين متشبت بعروبته وهويته الاسلامية السمحة ، حريص على احترام حقوق حرية المعتقد وحرية الاخر دون استثناء او خلفيات اخرى .
فمخرجات هذا البحث ، انه ينبغي توخي الحيطة و الحذر في تناول قضايا ومواضع لا علم ولا اهلية لهم في الخوض بشأنها ، لا يفقهون مضامينها وهم بعيدين كل البعد عن الالمام بابجدياتها ، ان لم نقل يجهلون أبسط معانيها ، فبالاحرى القفز الى تناولها بلا حشمة كأنهم اولي الامر ممن فوض لهم القول عن غيرهم بدون تفويض .
قال الرسول صلى الله عليه وسلم (اذا لم تستح فاصنع ما شئت)