اخبار منوعة

لماذا ينأى المواطن عن نفسه بعدم التبليغ عن جرائم ماسة بأمن الوطن ؟

عمرو العرباوي / مدير النشر

في القانون الجنائي المغربي، جريمة عدم التبليغ عن جريمة تُعدّ من الجرائم التي يعاقب عليها القانون، وتحديدًا في الفصل 299 منه، يُلزم القانون المغربي الأفراد بالتبليغ عن الجرائم التي اطلعوا عليها أو كانوا شهودًا عليها، إذا كانت تشكل خطرًا على السلامة العامة أو تهدد حياة الأشخاص أو ممتلكاتهم، أهم ما يميز هذه الجريمة:
– وجوب التبليغ: أي شخص يعلم بجريمة خطيرة مثل القتل، الاختطاف، أو الإرهاب ملزم قانونيًا بتقديم بلاغ للسلطات المعنية.
– الاستثناءات: يُستثنى من هذا الالتزام الأشخاص الذين تربطهم بالجاني صلة قرابة أو أواصر عائلية قوية (مثل الزوج أو الأبناء).
– العقوبات: العقوبات تختلف حسب نوع الجريمة التي تم الامتناع عن التبليغ عنها، ويمكن أن تصل العقوبات إلى السجن والغرامة حسب خطورة الجريمة.
بالرجوع إلى الفصل 299 من القانون الجنائي المغربي :(في غير الحالة المنصوص عليها في الفصل 209 يعاقب بالحبس من شهر إلى سنتين وغرامة من مائتين إلى ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين وحدها ، من علم بوقوع جناية أو شروع فيها ولم يشعر بها السلطات فورا .
تضاعف العقوبة إذا كان ضحية الجناية أو ضحية محاولة إرتكاب الجناية طفلا تقل سنه عن ثمان عشرة سنة .
يستثنى من تطبيق فقرتين السابقتين أقارب الجاني وأصهاره إلى غاية الدرجة الرابعة .
ولا يسري هذا الاستثناء إذا كان ضحية الجناية أو محاولة إرتكاب الجناية طفلا تقل سنه عن ثمان عشرة سنة ).
عندما يمتنع المواطن عن التبليغ عن جرائم تمس بأمن الوطن، فإن هذا التصرف قد يعود إلى عدة أسباب، يمكن تلخيصها في الآتي:
– الخوف من الانتقام:
قد يشعر المواطن بالخوف من انتقام الجناة أو العصابات إذا قام بالتبليغ عنهم، مما يجعله يفضل الصمت لحماية نفسه وأسرته.
– نقص الثقة في الأجهزة الأمنية:
قد يعتقد البعض أن التبليغ لن يثمر عن نتائج فعلية بسبب نقص الثقة في فعالية الشرطة أو الأجهزة الأمنية في التعامل مع هذه القضايا، قد يرى المواطن أن الإجراءات قد تكون بطيئة أو غير فعالة.
– الفساد والمحسوبية:
في بعض الأحيان، قد يكون المواطن مدركًا لوجود فساد أو محسوبية داخل الأجهزة الأمنية أو القضائية، مما يجعله يشعر بعدم جدوى التبليغ أو الخوف من تورط تلك الجهات مع الجناة.
– اللامبالاة أو الإحساس بعدم المسؤولية:
بعض المواطنين قد يشعرون أن مسؤولية حماية الوطن تقع على عاتق الأجهزة الأمنية فقط وليس على الأفراد، قد يرى البعض أن التبليغ ليس من واجبهم الشخصي، بل من واجب الحكومة.
– الرغبة في تجنب المشاكل:
التبليغ عن الجرائم قد يؤدي إلى استدعاء الشخص للشهادة أو التورط في التحقيقات، وهذا قد يسبب إزعاجًا أو مشاكل للمبلغ، قد يفضل المواطن تجنب هذا التورط.
– عدم المعرفة أو الجهل بالإجراءات القانونية:
قد لا يكون المواطن على دراية بالخطوات التي يجب اتخاذها للتبليغ عن جريمة، هذا الجهل قد يؤدي إلى تردد أو عدم القيام بالتبليغ.
– الضغط الاجتماعي أو القبلي:
في بعض المجتمعات، يمكن أن يكون التبليغ عن جريمة ماسة بأمن الوطن مخالفًا للقيم أو الأعراف المحلية، خاصة إذا كان الجاني من نفس المجتمع أو القبيلة، قد يتعرض المواطن لضغط اجتماعي يمنعه من التبليغ.
– الشعور بعدم الأهمية أو التهميش:
إذا شعر المواطن بأنه لا قيمة لصوته أو أنه مهمش في المجتمع، فقد يعتقد أن التبليغ عن الجريمة لن يُحدث فرقًا كبيرًا أو أنه لن يؤخذ بجدية.
كيف يمكن معالجة هذه الظاهرة؟
– تعزيز الثقة بين المواطنين والأجهزة الأمنية من خلال تحسين أداء هذه الأجهزة والتأكيد على الشفافية.
– توعية المواطنين بأهمية التبليغ عن الجرائم وكيفية القيام بذلك بشكل آمن.
– حماية المبلغين عن الجرائم من خلال تقديم ضمانات قانونية تضمن سلامتهم وسرية هويتهم.
– محاربة الفساد داخل الأجهزة الأمنية والقضائية لتعزيز نزاهتها وفعاليتها.
– تحسين العلاقة بين المواطن والأجهزة الأمنية
التواصل المستمر: يجب على الأجهزة الأمنية أن تعمل على بناء علاقة ثقة مع المواطنين من خلال الحملات الإعلامية والتواصل المباشر، خلق قنوات تواصل مفتوحة ومستدامة مع المواطنين يساعد في تعزيز هذه الثقة.
التواجد الأمني الفعّال: زيادة التواجد الأمني في الأحياء السكنية والمجتمعات المحلية يعزز الإحساس بالأمان، عندما يشعر المواطن بوجود قوة أمنية حقيقية وفعالة، سيكون أكثر استعدادًا للتبليغ.
– تفعيل برامج حماية الشهود والمبلغين
القوانين والإجراءات: يجب أن تكون هناك قوانين واضحة وقوية تحمي المبلغين والشهود من الانتقام، سواء من الجناة أو من أطراف أخرى، هذا يشمل حمايتهم جسديًا، وفرض سرية معلوماتهم الشخصية.
الحوافز: تقديم مكافآت أو حوافز مادية ومعنوية للمبلغين يمكن أن يشجع المواطنين على المساهمة في حماية الأمن الوطني.
– التوعية والتثقيف
حملات إعلامية وطنية: إطلاق حملات إعلامية تثقيفية عبر وسائل الإعلام المختلفة، تهدف إلى توعية المواطنين بأهمية التبليغ عن الجرائم وكيفية القيام بذلك بأمان، الحملات يجب أن تسلط الضوء على الدور الإيجابي الذي يلعبه كل مواطن في حماية أمن الوطن.
التثقيف القانوني: تعزيز الوعي القانوني لدى المواطنين من خلال توفير معلومات مبسطة وسهلة الفهم حول حقوقهم وواجباتهم فيما يتعلق بالتبليغ عن الجرائم.
– تبسيط عملية التبليغ
إنشاء منصات إلكترونية للتبليغ: يمكن تطوير تطبيقات أو منصات إلكترونية تسهل عملية التبليغ عن الجرائم بسرية وأمان، هذه التطبيقات يمكن أن تتيح للمواطنين تقديم البلاغات دون الحاجة للتوجه الفعلي إلى مراكز الشرطة.
تفعيل خطوط ساخنة: توفير خطوط هاتفية خاصة وسرية للتبليغ عن الجرائم، بحيث يمكن للمواطنين التبليغ بشكل سريع ودون تعقيدات بيروقراطية.
– تعزيز العدالة والمساواة
مكافحة الفساد: يجب التركيز على مكافحة الفساد داخل الأجهزة الأمنية والقضائية، لأن هذا هو أحد الأسباب الرئيسية التي تضعف الثقة بين المواطنين والسلطات، عندما يرون أن هناك عدالة نزيهة ومساواة أمام القانون، سيكونون أكثر استعدادًا للمساهمة في التبليغ.
العدالة السريعة: تحسين سرعة البت في القضايا المتعلقة بالجرائم الماسة بأمن الوطن، بحيث يشعر المواطنون أن قضاياهم تؤخذ بجدية وأن البلاغات تؤدي إلى نتائج ملموسة.
– تفعيل دور المجتمع المدني
الشراكات مع المنظمات غير الحكومية: يمكن إشراك المنظمات غير الحكومية والجمعيات المدنية في تعزيز ثقافة التبليغ، من خلال حملات توعية وورش عمل تدريبية تستهدف مختلف فئات المجتمع.
العمل المجتمعي: تحفيز المواطنين على العمل معًا كمجتمع موحد ضد الجرائم، حيث تكون المشاركة المجتمعية ركيزة أساسية في بناء بيئة آمنة ومحمية.
– تعزيز روح المواطنة والمسؤولية الفردية
التربية على المسؤولية الوطنية: تعزيز روح المواطنة والانتماء لدى الأفراد من خلال المناهج التعليمية وبرامج التأهيل، يجب غرس مفهوم أن حماية الوطن مسؤولية مشتركة بين المواطن والدولة.
المشاركة المجتمعية في الأمن: تشجيع المبادرات المحلية التي تعزز من شعور المسؤولية الأمنية داخل المجتمعات، مثل تشكيل لجان أهلية للتعاون مع الشرطة في حماية الأحياء.
– تشديد العقوبات على من يمتنع عن التبليغ
سن قوانين صارمة: فرض عقوبات قانونية على من يمتنع عن التبليغ عن الجرائم، خصوصًا إذا كانت تلك الجرائم تمس بأمن الوطن بشكل مباشر. قد تكون هذه العقوبات مالية أو جنائية، حسب طبيعة الجريمة وحجم الضرر المحتمل.
– الاستفادة من التجارب الدولية
التعاون الدولي: دراسة تجارب الدول الأخرى في مكافحة هذه الظاهرة والاستفادة من أفضل الممارسات التي أثبتت فعاليتها، بعض الدول لديها برامج ناجحة في حماية المبلغين وتعزيز ثقافة التبليغ.
مخرجات هذا المقال ، أنه باتباع هذه الخطوات المتكاملة، يمكن الحد من ظاهرة امتناع المواطنين عن التبليغ عن الجرائم وتعزيز مشاركتهم الفعالة في الحفاظ على أمن الوطن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى