عدالة و محاكم

بعد 13 سنة من المصادقة على دستور المملكة هل رسمت السلطة القضائية معالمها الخاصة؟

عمرو العرباوي – مدير النشر
بعد مرور 13 سنة على المصادقة على دستور المملكة المغربية سنة 2011، يمكن القول إن السلطة القضائية قد قطعت أشواطًا مهمة في مسارها لترسيخ استقلالها وبناء معالمها الخاصة، مستفيدة من الإصلاحات الدستورية التي نصت بشكل واضح على استقلال القضاء كسلطة قائمة بذاتها،  ولكن لتقييم هذه المرحلة ، ينبغي العمل على مقاربة  الجوانب الإيجابية والتحديات التي واجهتها والصعوبات التي تعترضها :
 الأسس الدستورية والقانونية لاستقلال السلطة القضائية
•دستور 2011: نص على فصل السلط، ومنح القضاء استقلالاً كاملاً عن السلطتين التنفيذية والتشريعية. في الفصل 107، أكد الدستور أن القضاء سلطة مستقلة، وهو ما شكّل تحولاً جذريًا عن وضعه السابق كجهاز تابع لوزارة العدل.
•إحداث المجلس الأعلى للسلطة القضائية: كجهاز دستوري مكلف بضمان استقلال القضاة، وتنظيم مهامهم، وتدبير مساراتهم المهنية، هذا المجلس يعدّ مكسبًا مهمًا لترسيخ مبدأ استقلال القضاء.
الإنجازات المحققة
•إرساء المجلس الأعلى للسلطة القضائية (2017): شكّل خطوة رئيسية في تعزيز استقلالية القضاء من خلال توليه صلاحيات كانت في السابق بيد وزارة العدل، مثل تعيين القضاة ونقلهم وتأديبهم.
•إصلاح المنظومة القانونية: صدرت قوانين تنظيمية (مثل القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية والقانون المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة) لتعزيز دور السلطة القضائية وتوضيح اختصاصاتها.
•تطوير البنية التحتية: تم تحديث المحاكم واعتماد الرقمنة في العديد من الإجراءات القضائية، مما ساعد على تسريع وتيرة البت في القضايا.
•محاربة الفساد القضائي: تم تنفيذ عدة إجراءات للحد من الفساد داخل الجهاز القضائي وتعزيز النزاهة والشفافية.
 التحديات والصعوبات
•استقلال فعلي مقابل الاستقلال الشكلي: رغم أن الإطار القانوني يضمن الاستقلالية، إلا أن بعض الممارسات العملية تشير إلى استمرار تأثيرات غير مباشرة من أطراف خارجية، خاصة السلطة التنفيذية.
•ثقة المواطنين: لا تزال الثقة العامة في القضاء في وضع مشرف ، بالرغم من تراكمات الماضي ومظاهر الفساد أو البطء في إصدار الأحكام.
•قلة الموارد البشرية والمادية: تعاني بعض المحاكم من نقص القضاة وموظفي الدعم، مما ينعكس سلبًا على جودة الخدمات المقدمة.
•تأخر إصلاحات أخرى مرافقة: مثل إصلاح التعليم القانوني والتكوين المستمر للقضاة، مما يعيق أحيانًا رفع كفاءة العمل القضائي.
 المرحلة الحالية والآفاق المستقبلية
•تعزيز الاستقلالية: يجب التركيز على ضمان استقلال فعلي للسلطة القضائية من خلال تقوية دور المجلس الأعلى للسلطة القضائية وتحصين القضاة من أي ضغوط خارجية.
•رقمنة شاملة: استكمال مشروع الرقمنة لتيسير الوصول إلى العدالة وتعزيز الشفافية.
•تأهيل الموارد البشرية: التركيز على التكوين المستمر للقضاة والموظفين لتعزيز كفاءتهم.
•محاربة الفساد: اتخاذ إجراءات صارمة لردع أي ممارسات غير أخلاقية، مع تحسين منظومة الرقابة.
مخرحات هذا المقال ،بالفعل رسمت السلطة القضائية في المغرب بعد دستور 2011 معالمها الخاصة، مستندة إلى أسس دستورية وقانونية قوية، ورغم التقدم الملحوظ، فإنها ما زالت تواجه تحديات تتطلب المزيد من الإصلاحات لتحقيق استقلالية كاملة وفعالة، وتعزيز الثقة العامة في العدالة، فهذه المرحلة تعدّ انتقالية ومفتوحة على آفاق تطوير مستمر، بشرط تضافر الجهود بين جميع الفاعلين في المنظومة القضائية بقصد تخليق الحياة العامة ، وجعلها رافعة للتنمية الشاملة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى