عدالة و محاكم

سقطات مستعملي مواقع التواصل الاجتماعي تواجه بصرامة من قبل القضاء المغربي

عمرو العرباوي – مدير النشر
التوجه الجديد للقضاء المغربي في مواجهة “سقطات” مستعملي مواقع التواصل الاجتماعي يعكس تحولات عميقة في المنظومة القانونية والاجتماعية في المغرب، ويدل على رغبة الدولة في تنظيم المجال الرقمي بشكل صارم ومواجهة أي ممارسات تُعتبر مسيئة ومخلة أو تهدد النظام العام .
لتفسير هذا التوجه الجديد الذي اقدمت عليه الدولة المغربية بشكل مفصل يمكن تناول الجوانب التالية:
  • من حيث السياق القانوني: جاء هذا التوجه في إطار تعزيز تطبيق القوانين المرتبطة بالجرائم الإلكترونية، مثل قانون محاربة الأخبار الزائفة، وقانون حماية البيانات الشخصية، بالإضافة إلى مقتضيات القانون الجنائي المتعلقة بالتشهير، السب، والإضرار بسمعة الأشخاص والمؤسسات.
  • من حيث المسؤولية الجنائية: القضاء المغربي يعكس التوجه العالمي نحو تحميل مستعملي الإنترنت مسؤولية ما ينشرونه، باعتبار أن  المرقع الرقمي ليس منطقة خارجة عن القانون.
  • من حيث الدوافع السياسية والاجتماعية: فبعض المحتويات المنشورة قد تؤدي إلى تأجيج الفتنة، التحريض على الكراهية، أو تهديد الأمن العام، وهو ما يجعل السلطات تتدخل بسرعة وصرامة. فاستخدام وسائل التواصل لنشر أخبار مضللة أو إهانة رموز الدولة قد ينعكس سلبًا على صورة البلاد داخليًا وخارجيًا.
  • من حيث سلطة القضاء كمراقب وضامن: فالاستقلالية والصرامة تقتضي أن القضاء يسعى إلى تطبيق القانون بشكل متوازن، مع الأخذ بعين الاعتبار الحق في حرية التعبير، ولكن ضمن إطار يحترم الحقوق والواجبات، فالتعامل مع التوسع الرقمي ، ومع تزايد تأثير وسائل التواصل، أصبح القضاء أكثر يقظة تجاه القضايا المرتبطة بالإعلام الرقمي، مثل التشهير، القرصنة، وانتهاك الخصوصية.
  • من حيث التحديات: يبقى التحدي الأكبر هو التوازن بين الحرية والمسؤولية، بحيث التحدي الأكبر هو تحقيق توازن بين حماية حرية التعبير كحق دستوري وضمان عدم استغلالها للإضرار بالآخرين أو الإخلال بالنظام. لكن لا ينبغي أن ننسى التطور التكنولوجي ، فسرعة تطور التكنولوجيا تجعل القوانين بحاجة إلى تحديث مستمر لمواكبة التحديات الجديدة.
  • من حيث الآثار المستقبلية: تأثير على المحتوى الرقمي، فهذا التوجه قد يؤدي إلى تعزيز المسؤولية الذاتية لدى مستعملي وسائل التواصل، ولكنه قد يثير أيضًا مخاوف من الرقابة المفرطة، لكن تحسين البيئة الرقمية وتهذيبها مع وجود الصرامة القضائية، قد يتم تقليص الظواهر السلبية مثل الأخبار الزائفة، التحرش الرقمي، والابتزاز، ونشر المحتوى التافه . قد يرى البعض أن هذه الصرامة والرقابة قد تؤثر وتحد من حرية التعبير خاصة إذا لم يتم تطبيق القوانين بشكل شفاف وعادل ، لكن الشيء إذا زاد حده إنقلب ضده ، لايوجد شيء اسمه حرية مطلقة دون ظوابط.
مخرجات هذا المقال ، فالصرامة التي يبديها القضاء المغربي تجاه “سقطات” مستعملي مواقع التواصل الاجتماعي تعكس محاولة لتحقيق توازن بين حرية التعبير وحماية الأمن الاجتماعي، إلا أن نجاح هذا التوجه يعتمد على وضوح النصوص القانونية، الشفافية في التطبيق، وضمان ألا تتحول هذه الصرامة إلى أداة لتقييد الحريات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى