برشيد على صفيح ساخن: مجلس جماعي يقود المدينة نحو المجهول

برشيد :ذا عمرو العرباوي /مدير النشر
تمرّ مدينة برشيد، منذ سنوات، بمرحلة توصف من قبل متتبعي الشأن المحلي بـ”الضبابية”، وسط حالة من الإحباط واليأس لدى الساكنة، بعدما تحولت الوعود الانتخابية إلى سراب، وتبددت آمال التنمية في زحمة خلافات داخل مجلس جماعي يوصف بغير المتجانس، تنعدم فيه الرؤية ويغيب عنه الانسجام والجدية.
مجلس “الأطياف الغريبة”: تحالف غير منسجم يقود السفينة
يتكوّن المجلس الحالي من تركيبة حزبية هجينة توحدها المصالح الظرفية وتفرّقها التوجهات والمطامح الشخصية، هذه الكيانات، التي اجتمعت على عجل لتشكيل أغلبية هشة، لا تربطها رؤية مشتركة أو مشروع تنموي موحد يمكن أن يُستند إليه في تدبير شؤون المدينة.
منذ توليها المسؤولية، لم تستطع هذه التشكيلة أن تبلور خطة عمل واضحة، ولم تتجاوز لقاءاتها واجتماعاتها سقف الدورات الرسمية، التي غالباً ما تشهد نقاشات عقيمة يغلب عليها طابع المزايدات السياسية والصراعات الجانبية، في ظل غياب روح المبادرة والمسؤولية الجماعية.
مشاريع تنموية في مهبّ الريح
واحدة من أبرز مظاهر هذا التخبط هو التخلي غير المفهوم عن عدد من المشاريع الكبرى التي كانت ثمرة جهود سابقة، ومن بين هذه المشاريع، تبرز الكلية متعددة التخصصات، التي كانت ستشكل رافعة تعليمية وتنموية مهمة للمدينة، خاصة بعدما تم توفير الوعاء العقاري وتوقيع اتفاقية شراكة مع جامعة الحسن الأول بسطات.
غير أن المشروع توقّف عند هذا الحد، وكأن لا شيء قد تحقق من قبل، في تجاهل تام لانتظارات الساكنة وطموحات الشباب المحلي الباحث عن فرصة للدراسة والتكوين دون الحاجة إلى الهجرة نحو مدن أخرى.
مدينة بدون بوصلة
الوضع الحالي يجعل المدينة في شبه عزلة تنموية، حيث البنية التحتية متآكلة، والمساحات الخضراء تتناقص، والأسواق تعاني من الفوضى، والمرافق العمومية في حالة تدهور مستمر، هذا في وقت تعرف فيه مدن مماثلة على الصعيد الوطني دينامية متسارعة بفضل مجالس واعية بهموم المواطنين وتتحمل مسؤولياتها بشكل فعلي.
والأدهى من ذلك، أن أصوات المجتمع المدني والهيئات المنتخبة سابقاً التي كانت تساهم في الرقابة والتوجيه، أصبحت شبه غائبة، وسط شعور عام بالإحباط وتراجع الثقة في جدوى العمل السياسي المحلي.
غياب المحاسبة وتآكل الثقة
في ظل غياب آليات المحاسبة الحقيقية، يبقى المجلس الحالي في مأمن من أي مساءلة فعلية حول تعثر المشاريع أو تردي الأوضاع، ما يطرح علامات استفهام حول دور السلطات الوصية والمجتمع المدني والإعلام المحلي في التصدي لهذا التراجع الخطير.
مخرحات هذا المقال ، ما تعيشه برشيد اليوم ليس قدراً محتوماً، بل نتيجة مباشرة لتدبير عشوائي يفتقر إلى الرؤية والتخطيط ، أمام هذا الواقع، يبرز سؤال ملحّ: إلى متى ستظل مدينة برشيد رهينة لمجالس تفتقر للكفاءة والتجانس والإرادة السياسية؟ وهل من بوصلة جديدة يمكن أن تعيد للمدينة مسارها التنموي الطبيعي؟
إن مدينة برشيد بتاريخها وموقعها الجغرافي وإمكانياتها البشرية والاقتصادية، تستحق أن تكون مدينة رائدة، لا أن تُترك تسير نحو المجهول في غياب محاسبة أو مساءلة حقيقية، الامل اليوم معقود على تدخل السيد العامل الجديد على الاقليم لرد الاعتبار إلى مدينة برشيد لانها تستحق الأفضل لكن ابناء العشيرة تحاملوا عليها .