اخبار دولية
تجنب التصعيد الإعلامي ربما يحد من إذكاء التوتر بين البلدين الشقيقين المغرب والجزائر

عمرو العرباوي : مدير النشر
تجنب التصعيد الإعلامي بين البلدين الشقيقين المغرب والجزائر يُعدّ أحد أهم الوسائل للحد من التوتر بين البلدين، وذلك لأن الإعلام يلعب دورًا محوريًا في توجيه الرأي العام وصياغة التصورات الجماعية حول القضايا السياسية والعلاقات الدولية، فعندما تتبنى وسائل الإعلام خطابًا تصعيديًا، فإنها تؤجج المشاعر الوطنية، وتغذي العداء، وتعمّق الخلافات، مما يؤدي إلى خلق بيئة معادية تجعل من الصعب تحقيق أي تقارب أو حل للخلافات عبر القنوات الدبلوماسية.
لتفسير هذا السيناريو يمكن تصور الأدوار التالية:
أولا : دور الإعلام في تأجيج التوترات عن طريق
نقل الأخبار بطريقة منحازة أو مضللة، فبعض وسائل الإعلام تلجأ إلى التهويل أو التركيز على الجوانب السلبية في العلاقة بين البلدين، مما يخلق صورة مشوهة عن الطرف الآخر، فهذا
الخطاب التحريضي يستخدام لغة عدائية أو هجومية ويسهم في تعزيز مشاعر الكراهية، ويؤدي إلى استقطاب شديد بين المواطنين في البلدين.
وفي نفس السياق يتم إعادة تدوير الصراعات التاريخية مثل استحضار الخلافات القديمة بشكل مستمر، مثل قضية الصحراء المغربية أو الحدود، يجعل من الصعب تجاوز الماضي والتركيز على المستقبل.
كما أن التوظيف السياسي للإعلام تستخدمه بعض الجهات الإعلامية كأداة لخدمة أجندات سياسية معينة، مما يؤدي إلى تصعيد متعمّد يخدم مصالح ضيقة بدلًا من تعزيز الاستقرار.
ثانيا : كيف يمكن للإعلام أن يكون أداة للتهدئة التقارب بين البلدين الشقيقين ؟
يمكن للإعلام أن يلعب دورًا إيجابيًا في تخفيف التوتر، وذلك عبر
تعزيز الخطاب المتزن والمسؤول، فالتركيز على التغطية الإعلامية الموضوعية، والابتعاد عن الإثارة وإذكاء الفكر الإبداعي المتحضر والراقي ، يعزز مناخًا أكثر هدوءًا ويمنح الدبلوماسية فرصة للعمل،
والترويج للحوار والتفاهم مع إبراز المبادرات الإيجابية بين البلدين، وتسليط الضوء على القواسم المشتركة، يعزز فرص التقارب.
لا يخفى على الجميع أن إتاحة مساحة للأصوات المعتدلة والمؤمنة بالسلم والسلام ولأمن والامان ، مع إعطاء الفرصة للمحللين والخبراء الذين يدعون إلى الحوار والتعاون بدلًا من استضافة الأصوات المتشددة التي تغذي النزاع.
كما لا ننسى التركيز على المصالح المشتركة بحيث يتم تسليط الضوء على المجالات التي يمكن أن يتعاون فيها البلدان، مثل الاقتصاد، الأمن، الثقافة، والتحديات الإقليمية المشتركة، يساعد على بناء الثقة المتبادلة.
ثالثا : أهمية تجنب التصعيد الإعلامي على المستوى الدبلوماسي
فب جميع الظروف لابد من فتح المجال للمساعي الدبلوماسية، فعندما يكون الرأي العام مشحونًا بسبب الخطاب الإعلامي العدائي، يصبح من الصعب على القادة السياسيين اتخاذ قرارات تهدف إلى التهدئة دون مواجهة ضغوط داخلية، فتعزيز فرص الوساطة والمصالحة تجد ظالتها في ظل إعلام هادئ ومتزن، مما يمهد الطريق ويتيح فرص أكبر للوسطاء الإقليميين والدوليين للمساعدة في تقريب وجهات النظر، مما
يقلل من مخاطر المواجهة غير المحسوبة، ففي بعض الأحيان، يؤدي التصعيد الإعلامي إلى تصعيد ميداني أو أزمات دبلوماسية غير ضرورية، قد تكون لها تبعات خطيرة على الاستقرار في المنطقة.
رابعا : الإعلام كجسر للتقارب بدلاً من أداة للفرقة
لتحقيق علاقة أكثر استقرارًا بين المغرب والجزائر، لا بد من تغيير الطريقة التي يتم بها تناول القضايا الخلافية في الإعلام، وذلك من خلال:
-تشجيع التغطية الإعلامية التي تدعم الحوار البناء بدلًا من التصعيد.
-إطلاق منصات إعلامية مشتركة تركز على القضايا التي تهم الشعبين، مثل الثقافة والاقتصاد والتنمية.
– تعزيز التعاون بين الصحفيين في البلدين، من خلال تبادل الخبرات والزيارات المهنية، مما يساهم في تكوين فهم أكثر دقة وواقعية للقضايا المشتركة.
مخرحات هذا المقال ، يبقى في نهاية المطاف، الإعلام ليس مجرد ناقل للأحداث، بل هو قوة مؤثرة يمكن استخدامها إما لتأجيج الصراع وإذكاء روح المواجهة أو لتعزيز التفاهم والسلام، فتجنب التصعيد الإعلامي بين المغرب والجزائر يخلق مناخًا أكثر هدوءًا يمكّن الطرفين من العمل على إيجاد حلول للخلافات بطريقة دبلوماسية وعقلانية، وعليه، فإن المسؤولية تقع على عاتق الصحفيين والمؤسسات لاعتماد نهج متوازن ومسؤول، يسهم في تهدئة الأوضاع بدلًا من تأجيجها وترك مسافة أكبر وكافية للقادة للاستشراف والتفكير الإيجابي للمستقبل البلدين الشقيقين .