الحرص على الشرعية كمطلب مجتمعي
عمرو العرباوي: مدير النشر
قبل الخوض في تناول موضوع ” الحرص على الشرعية كمطلب مجتمعي ” لابد أولا من التعريف بمفهوم الشرعية لغة واصطلاحا ، ثانيا تحديد مجال بروزها ، ثالثا التذكير بدواعي الحرص عليها .
فكلمة “شرعية” مشتقة من الفعل “شرع”، وهي تتعلق بكل ما هو مشروع وقانوني وفقًا للعرف أو القانون، وفي اللغة العربية، الشرعية تعني الالتزام بالقوانين أو الأنظمة التي يُعتبر اتباعها واجبًا، ويُقال “شرَعَ الشيء” أي جعله مشروعًا وقانونيًا.
واصطلاحًا، الشرعية تشير إلى القوانين والأطر القانونية التي تنظم سلوك الأفراد والمؤسسات في المجتمع، وتُستخدم هذه الكلمة في سياقات متعددة، مثل:
-الشرعية القانونية : تشير إلى مجموعة القوانين واللوائح التي تُسنها الدولة لتنظيم الحياة العامة والخاصة للمواطنين. هذه القوانين تشمل الدساتير، القوانين المدنية، الجنائية، التجارية، وغيرها.
-الشرعية السياسية : تعني قبول المواطنين وموافقتهم على نظام الحكم أو السلطة القائمة، ويُعتبر النظام السياسي شرعيًا إذا كان يتبع الإجراءات الدستورية والقانونية المعترف بها، ويحقق رضا المجتمع.
-الشرعية الاجتماعية : تتعلق بالأعراف والتقاليد والممارسات الاجتماعية التي يقبلها المجتمع ويعتبرها صحيحة ومناسبة.
-الشرعية الدينية : تتعلق بالالتزام بالقواعد والأحكام الدينية التي يحددها الشرع الديني، مثل الشريعة الإسلامية في السياقات الإسلامية.
-الشرعية الأخلاقية : تتعلق بالمعايير والقيم الأخلاقية التي يُعتبر اتباعها واجبًا للحفاظ على النزاهة والعدالة في المجتمع.
فالحرص على الشرعية كمطلب مجتمعي ينبع من الحاجة إلى النظام والاستقرار، والعدالة، والثقة في المؤسسات.بحيث يمكن تفسير ذلك من خلال عدة جوانب :
النظام والاستقرار:
– الأمان المجتمعي : القوانين والشرعية توفر إطارًا واضحًا لتحديد ما هو مقبول وما هو غير مقبول في المجتمع ،و هذا يساهم في تقليل الفوضى والعنف ويضمن الأمان للأفراد.
– الاستقرار السياسي: الشرعية تعزز الاستقرار السياسي من خلال تحديد الأطر القانونية والدستورية التي تحكم العلاقة بين الحكومة والمواطنين، هذا يحد من الانقلابات والتغيرات العنيفة في السلطة.
العدالة والمساواة:
– التطبيق العادل للقوانين: الشرعية تضمن أن القوانين تطبق على الجميع بدون تمييز، مما يعزز الشعور بالعدالة والمساواة بين أفراد المجتمع.
– حماية الحقوق: القوانين الشرعية توفر حماية لحقوق الأفراد والجماعات، مما يضمن حرية التعبير، والملكية، والحق في المحاكمة العادلة.
الثقة في المؤسسات:
– شرعية السلطة: عندما تعمل المؤسسات وفقًا للقوانين الشرعية، تزداد الثقة فيها، المواطنون يكونون أكثر استعدادًا لدعم هذه المؤسسات والتعاون معها.
– محاربة الفساد: الشرعية والقوانين الواضحة تسهم في مكافحة الفساد وسوء استغلال السلطة، مما يزيد من نزاهة وشفافية المؤسسات.
التنمية الاقتصادية:
– الاستثمار والثقة الاقتصادية: الاستقرار القانوني والشرعي يجذب الاستثمارات، حيث يشعر المستثمرون بالأمان على استثماراتهم في بيئة تحكمها القوانين.
– تشجيع ريادة الأعمال: وجود نظام قانوني شرعي يحمي حقوق الملكية الفكرية والتجارية يشجع الأفراد على بدء مشاريع جديدة، مما يساهم في النمو الاقتصادي.
التماسك الاجتماعي:
– التعاون المجتمعي: الشعور بأن الجميع يخضع لنفس القوانين يعزز التضامن والتعاون بين أفراد المجتمع.
– الحد من النزاعات: تطبيق القوانين بشكل عادل يقلل من النزاعات ويحلها بطرق سلمية، مما يعزز الوحدة الوطنية.
الهوية والقيم الثقافية:
– تعزيز الهوية الوطنية: القوانين الشرعية غالباً ما تعكس القيم والمبادئ الثقافية للمجتمع، احترام هذه القوانين يعزز الهوية الوطنية ويشجع على الحفاظ على التراث الثقافي.
– الوحدة الثقافية: الاتفاق على مجموعة من القوانين والقيم المشتركة يعزز الوحدة الثقافية بين أفراد المجتمع، مما يخلق شعوراً بالانتماء المشترك.
الابتكار والتقدم العلمي:
– البحث العلمي والتطوير: النظام القانوني الشرعي الذي يحمي حقوق الملكية الفكرية يشجع على الابتكار والبحث العلمي، حيث يطمئن المبتكرون إلى أن حقوقهم ستكون محمية.
– التعاون الدولي: احترام الشرعية يعزز العلاقات الدولية والتعاون مع الدول الأخرى، مما يفتح الأبواب أمام التبادل العلمي والتكنولوجي والثقافي.
الحكامة الرشيدة:
– المساءلة والمحاسبة: القوانين الشرعية تضمن أن الحكام والمسؤولين يخضعون للمساءلة والمحاسبة، مما يعزز الشفافية ويحد من التعسف في استخدام السلطة.
– الكفاءة والفعالية: وجود قوانين واضحة وإجراءات معروفة يسهم في تحسين كفاءة وفعالية الإدارة العامة، ويضمن تقديم خدمات عامة بجودة عالية.
التنمية البشرية والاجتماعية:
– العدالة الاجتماعية: القوانين الشرعية تسهم في تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال توزيع الموارد بشكل عادل وتوفير الفرص المتكافئة للجميع.
– حقوق الإنسان: الشرعية تضمن احترام وحماية حقوق الإنسان، مما يعزز الكرامة الإنسانية ويحسن جودة الحياة للأفراد.
مخرجات هذا المقال ، أنه من خلال هذه الجوانب المختلفة، يمكن فهم أن الحرص على الشرعية ليس مجرد مطلب فردي أو عابر، بل هو أساس قوي لبناء مجتمع متوازن ومستقر، يتمتع بالعدالة والمساواة، ويشجع على النمو الاقتصادي والتقدم الاجتماعي، فالشرعية تعمل كعامل موحد يجمع أفراد المجتمع تحت مظلة واحدة من القوانين والقيم، مما يعزز الروابط الاجتماعية ويحقق المصلحة العامة.