اخبار منوعة

تحقيق الحكامة المالية العمومية محور بلوغ التنمية الشاملة بالمغرب

عمرو العرباوي – مدير النشر

الحكامة المالية العمومية هي مفهوم حديث في إدارة المال العام، يُعنى بمجموعة من المبادئ والقواعد التي تضمن حسن تدبير الموارد العامة واستعمالها لتحقيق الأهداف الاستراتيجية للدولة وتعزيز الثقة بين المواطن والحكومة، وتهدف الحكامة المالية إلى تحقيق الشفافية، المساءلة، الكفاءة، والعدالة في إدارة الموارد المالية، لضمان أن تُستَثمر الأموال العامة بأفضل شكل ممكن، وتحقيق التنمية المستدامة.
أما عناصر الحكامة المالية العمومية :
  • الشفافية: تعني أن تكون المعلومات المتعلقة بالميزانية، النفقات، والإيرادات متاحة للجمهور وللجهات الرقابية، مما يعزز ثقة المواطنين ويقلل من احتمالات الفساد والتلاعب بالمال العام.
  • المساءلة: تتطلب الحكامة المالية أن تكون هناك محاسبة دقيقة لكل من يتولى مسؤولية مالية، سواء كانوا موظفين عموميين أو مؤسسات، بحيث يُسألون عن كيفية استخدامهم للمال العام، وهذا يشمل مساءلة الأجهزة الحكومية والمؤسسات العمومية.
  • الكفاءة: تتعلق بالاستعمال الأمثل للموارد المتاحة، حيث يجب أن تُصرف الأموال بطريقة تحقق أعلى منفعة ممكنة بأقل تكلفة، مما يؤدي إلى توفير الموارد واستخدامها في مشاريع تنموية فعالة.
  • العدالة: تهدف الحكامة المالية إلى ضمان التوزيع العادل للموارد، بحيث لا تكون التنمية مركزة في منطقة دون أخرى أو لفائدة فئة اجتماعية دون سواها، وبهذا يتم تحقيق العدالة الاجتماعية وتعزيز التماسك الاجتماعي.
  • الرقابة والتقييم: تعتمد الحكامة المالية العمومية على أنظمة رقابة وتقييم مستمرة لضمان تحقيق الأهداف المرجوة، وتشمل الرقابة الداخلية من المؤسسات ذاتها والرقابة الخارجية من هيئات مستقلة.
علاقة الحكامة المالية العمومية بالتنمية الشاملة
  • تحقيق النمو الاقتصادي: تسهم الحكامة المالية في توجيه الموارد بشكل عقلاني نحو المشاريع الإنتاجية التي تعزز من الناتج المحلي الإجمالي، مثل البنية التحتية، الصناعة، والزراعة، مما يؤدي إلى نمو اقتصادي مستدام.
  • تقليص الفقر وتحسين جودة الحياة: عندما تُدار الموارد المالية بكفاءة، يتم توجيهها نحو القطاعات الاجتماعية كالتعليم، الصحة، والسكن، مما يحسن من جودة الحياة ويقلل من مستويات الفقر. فالوصول إلى خدمات أساسية للجميع يعزز التنمية البشرية.
  • تعزيز الثقة بين المواطنين والدولة: الشفافية والمساءلة في إدارة المال العام تعزز ثقة المواطنين بالحكومة، مما يساهم في استقرار النظام السياسي والاجتماعي، ويدفع المواطنين إلى الالتزام بدفع الضرائب والمشاركة في التنمية.
  • مكافحة الفساد وتعزيز النزاهة: بتطبيق مبادئ الحكامة المالية، يتم تقليل فرص الفساد المالي والرشوة، مما يضمن أن تصل الموارد إلى من يستحقها ويقلل من هدر الأموال العامة، ويعزز بيئة اقتصادية نظيفة وجاذبة للاستثمار.
  • تنمية مستدامة: تسهم الحكامة المالية في تحقيق تنمية شاملة ومستدامة من خلال الاستثمار في مشاريع بيئية وبنية تحتية تدعم الأجيال القادمة، وتضمن الاستمرارية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
مميزات الحكامة المالية العمومية وآثارها على مستوى التنمية الشاملة المستدامة :
  • تشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي: من خلال تعزيز الشفافية والمساءلة، تصبح الدولة وجهة جاذبة للمستثمرين المحليين والأجانب، عندما يثق المستثمرون في أن الموارد تُدار بحكامة جيدة، يشعرون بالأمان في الاستثمار في قطاعات الدولة المختلفة. وهذا يزيد من رأس المال ، ويخلق فرص عمل جديدة، ويعزز النمو الاقتصادي الذي يعود بالفائدة على التنمية.
  • تحقيق اللامركزية وتعزيز المشاركة المحلية: تعتمد التنمية الشاملة على مشاركة المجتمعات المحلية في اتخاذ القرار وتحديد الأولويات التنموية، فالحكامة المالية تشجع على اللامركزية، مما يتيح للمناطق المختلفة فرصًا لإدارة ميزانياتها وتحديد أولوياتها بناءً على احتياجاتها المحلية، وهذا يسهم في توزيع الموارد بشكل عادل ويخفف من الفوارق التنموية بين المناطق.
  • تعزيز فعالية الإنفاق العام: من خلال وضع آليات لمراقبة وتقييم الأداء المالي، تضمن الحكامة المالية العمومية أن تكون كل عملية إنفاق محسوبة وموجهة نحو تحقيق أهداف تنموية واضحة، بدلاً من إهدار الأموال على مشاريع غير ضرورية أو ذات فائدة محدودة، ففعالية الإنفاق تعني أن الأموال تصرف على مشاريع ذات قيمة مضافة، ما يعزز الاستفادة الكاملة من الموارد المالية المتاحة.
  • تحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي: من خلال تطبيق الحكامة المالية، يتم التحكم بشكل أفضل في الديون العامة وضبط العجز المالي،الاستقرار المالي يعني تقليل الاعتماد على القروض الخارجية وتحسين الإيرادات الحكومية عبر تحسين سياسات الضرائب،هذا الاستقرار يعتبر ركيزة أساسية لتحقيق تنمية مستدامة وتجنب الأزمات المالية التي قد تعطل مسار التنمية.
  • حماية الموارد للأجيال القادمة: تُسهم الحكامة المالية الجيدة في اتخاذ قرارات اقتصادية حكيمة تضمن حماية الموارد للأجيال القادمة، فمن خلال الاستثمارات المسؤولة، مثل تمويل مشاريع الطاقة النظيفة وحماية البيئة، فإن الحكامة المالية تعمل على تحقيق التنمية المستدامة التي تأخذ بعين الاعتبار احتياجات الحاضر والمستقبل.
تحديات الحكامة المالية العمومية:
رغم الأهمية الكبيرة للحكامة المالية العمومية، إلا أن هناك تحديات عديدة تواجه تطبيقها، مثل:
  • الفساد والرشوة: تعتبر مكافحة الفساد من أكبر التحديات، حيث تعيق ممارسات الفساد تحقيق الحكامة المالية وتؤدي إلى إهدار الموارد.
  • ضعف القدرات الإدارية والمؤسساتية: تحتاج الحكامة المالية إلى كوادر مؤهلة ونظم معلومات دقيقة لمتابعة النفقات والإيرادات بشكل فعال.
  • مقاومة التغيير: في بعض الأحيان، تواجه إجراءات الحكامة مقاومة داخل المؤسسات الحكومية، خاصة إذا كانت تتطلب الشفافية والمساءلة.
مخرجات هذا البحث ، يمكن القول أنَّ الحكامة المالية العمومية ليست مجرد آلية لتدبير المال العام، بل هي أساس لخلق مجتمع أكثر عدالة وازدهاراً واستدامة، عبر إدارة فعالة، شفافة، ومستدامة للموارد، يمكن تحقيق تنمية شاملة تؤدي إلى تحسين مستوى المعيشة وتعزيز المساواة الاجتماعية، وخلق اقتصاد قوي ومستقر وأمن ومستدام .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى