موقع ثقافة السفاهة بين التأصيل والتنكر بين اوساط المجتمع
برشيد: عمرو العرباوي / مدير الجريدة
قبل الشروع في تفصيل حيثيات هذه الظاهرة القبيحة والمتنافية مع القيم الانسانية والاجتماعية والثقافية الأصيلة والمعاصرة ،لابد من التعريف بكلمة السفاهة لفظا واصطلاحا ثم ننتقل الى الحديث عن مزايا هذه الظاهرة ان كانت لها مزايا ، لنعرج الى اثارها ثم نعمل على تحديد بعض الحلول المناسبة للقطع مع هذه العادة السيئة بين اوساط المجتمع.
السفاهة من الألفاظ التي وردت في القرآن والسنة للنهي عنها والتحذير منها والإزراء بمن تلبس بها، وكيفية التعامل مع من اتصف بها، وهي تعني لغة خِفَةُ الحلم والرأي، يقال ثوبٌ سفيه إذَا كان خفيفاً. وهي جهالة وسخافة عقل. وحماقةوفي الفقه الإسلامي تطلق السفاهة على إساءة التصرف أو التصرف بما يناقض الحكمة .
السَّفاهَةُ: الجَهْلُ، وضِدُّها: الحِلْمُ والرُشْدُ. وأَصْلُها: الخِفَّةُ والحَرَكَةُ والطَّيْشُ، وقِيل: المَيْلُ والاضْطِرابُ، ومِنْهُ سُمِّيَ قِليلُ العَقْلِ …
السفيه اصطلاحا هو الإنسان الناقص العقل، الذي يتجرأ على الآخرين بالسب والشتم ويتهجم بلا سبب ويطلق الكلام القبيح بسهولة فهو إنسان غير ناضج ولا مسؤول.
و السفيه حسب المادة 215 من مدونة الأسرة المغربية هو المبذر الذي يصرف ماله فيما لا فائدة فيه، وفيما يعده العقلاء عبثا، بشكل يضر به أو بأسرته.
و السفيه وفق المادة 213: يعتبر ناقص أهلية الأداء:
1 – الصغير الذي بلغ سن التمييز ولم يبلغ سن الرشد؛
2 – السفيه.
3 – المعتوه.
وتبعا للمادة 220 من مدونة الأسرة:
فاقد العقل والسفيه والمعتوه تحجر عليهم المحكمة بحكم من وقت ثبوت حالتهم بذلك، ويرفع عنهم الحجر ابتداء من تاريخ زوال هذه الأسباب حسب القواعد الواردة في هذه المدونة.
منذ أن خلق المولى – عز وجل – الأرض ومن عليها ظهرت معه مجموعة من النقائص الإنسانية التي مثلت بمرور الوقت مجموعة من الآفات القلبية والسلوكية التي تهدد المجتمعات المختلفة، ورغم أن كل الأديان السماوية وحتى الحضارات الإنسانية حاولت التعامل مع هذه النقائص وتهذيبها إلا أن معظمها ظل به تصور واضح هو في عدم طرحها للبدائل أو سبل العلاج إلا الإسلام، فقد جاء فياضا بالخير صداعا بالحق طافحا بالخلق الكريم، وقد أتى مناسبا لكل الأمم، مجتازا حدود الزمان والمكان، ليكون حلا لكل الأمراض القلبية والسلوكية.
وعلاج السفاهة يكون بإتباع الهدي القرآني والنبوي، فقد أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بأن يقْبَل الميّسر الممكن من أخلاق الناس وأعمالهم، وأمره بكل قول حسن وفِعْلٍ جميل، وأمره أن يعرض عن منازعة السفهاء ومساواة الجهلة الأغبياء فقال له (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ)،والإعراض يكون بالترك والإهمال، والتهوين من شأن ما يجهلون به من التصرفات والأقوال، وعدم الدخول معهم في جدال ينتهي بالشد والجذب، وإضاعة الوقت والجهد،وفي هذا صيانة له من السفه ورفعا لقدره عن مجاوبتهم. فعلى المسلم أن يتخلص من نقيصة السفه ويتحول الى الحلم و الرشد وأن يتصف بالحكمة ويجب عليه أن يجتنب هذا الصنف من الناس، وأن يحذر أن يكون واحدا منهم، فالسفه دليل سوء الخلق، ومظنة سوء الخاتمة.
كذلك قول الرسول عليه الصلاة والسلام : «ما من جرعة أعظم أجرا عند الله من جرعة غيظ كظمها عبد ابتغاء وجه الله». إن أفضل رد علي السفيه هو عدم اجابته والصمت عليه، فالإعراض عنه فيه راحه للنفس و حماية للعرض، و سلام من سماع الأذى.